بوابة السهم الإخبارية – زى اليوم ده في 26 يوليو 1956، وقف جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية. الآلاف أمامه، والعالم كله يسمع.قالها بوضوح لا يقبل الالتفاف:”قررنا تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية.. شركة مساهمة مصرية.”
وبهذه الجملة، لم تتغير فقط ملكية شركة، بل تغيرت خريطة العالم
الكرامة أولًا.. قبل كل شيء
ذلك اليوم لم يكن إعلان قرار اقتصادي فقط. كان إعلان كرامة.فانتزعت مصر سيادتها من يد احتلال اقتصادي استمر عشرات السنين.
وخرج الملايين في الشوارع تهتف باسم عبد الناصر تحتفل فرحاً ، فلأول مرة، تُصبح القناة مصرية بالقرار، كما كانت مصرية بالأرض والعرق والدم.
البداية عقد احتكار مدته 99 سنة
وتعود القصة إلى عام 1854، عندما وقّع سعيد باشا عقد امتياز مع ديليسبس.ذلك العقد الذى منح الشركة الفرنسية حق حفر وتشغيل قناة السويس لمدة 99 سنة.
ثم جُدّد الامتياز بعقد ثانٍ في 1866، مما عزز سيطرة فرنسا وبريطانيا على الممر الملاحي الأهم في العالم.
قناة من ماء ودماء المصريين
وبدأ الحفر عام 1859، واستمر لمدة عشر سنوات.عمل خلالها أكثر من 100 ألف مصري سخرة وعبودية كنا ادي لموت الآلاف منهم. فلا دواء، و لا أجور،و لا رحمة.
رغم ذلك، وبعد افتتاح القناة في 1869، ذهبت الأرباح إلى باريس ولندن.اما مصر فتقف عاجزة لتشاهد سرقة أراضيها ونهب عرق اولادها.
عبد الناصر يفتح الباب المغلق
في الخمسينيات، تحررت مصر من الاحتلال البريطاني سياسيًا.الا أن القناة السويس ظلت تحت سلطة أجنبية كاملة.
فكانت تعتبر دولة داخل الدولة. تتحكم، تفرض، وتمنع.وفي لحظة غيرت وجه التاريخ، انسحب البنك الدولي وأمريكا من تمويل السد العالي.
فكان رد عبد الناصر حاسمًا:
“إحنا ماخدناش حاجة غصب، إحنا خدنا حقنا.”
قرار سيادي.. وعدالة متأخرة
والجدير بالذكر أن قرار التأميم لم يكن رد فعل غاضبًا. بل كان خطوة مدروسة. توقيتها محسوب. رسالتها واضحة مضمونها أن مصر ستبني السد بأموال القناة، وظلت القاهرة ظلت صامدة. والشعب وراء قائده.
المعركة تبدأ.. والإرادة تنتصر
بعد قرار التأميم أعلنت كلا من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل العدوان الثلاثي. والذى كان الهدف منه إسقاط القرار، واستعادة السيطرة على القناة.ولكن عبد الناصر واجههم بكلمة واحدة:”المعركة دي مش معركة سلاح… المعركة دي معركة إرادة.”واتحد الشعب. رغم الضغوط الدولية.ولكن في النهاية، انسحبت القوات.وظلت القناة مصرية.
من الاحتلال إلى الربح القومي
الامتياز الذي أعطى الأجانب 99 سنة من الاستغلال، انتهى في لحظة.ومنذ التأميم وحتى اليوم، لم تتوقف القناة عن العمل والتطور.
ففي عام 2023/2024، حققت قناة السويس أعلى إيرادات في تاريخها حيث حققت 10.1 مليار دولار.كل دولار دخل خزينة الدولة.ساهم في سد العجز. و دعم مشروعات البنية التحتية.فالقناة لم تعد شريانًا تجاريًا فقط، بل أصبحت رئة اقتصادية لمصر.
قلب التجارة العالمية
قناة السويس اليوم ليست فقط معبرًا.بل هي خط الدم الذي يغذي 12% من التجارة العالمية.ويمر بها أكثر من 30% من حاويات الشحن سنويًا.كل عام،كما تعبر القناة يوميا أكثر من 20 ألف سفينة
.فالقناة تربط آسيا بأوروبا، والشرق بالغرب.وأي توقف ليوم واحد فقط، يُربك أسواق الطاقة، ويهدد سلاسل الإمداد في العالم.
أقوى ما قاله عبد الناصر في خطاب التأميم
وهذه بعض من كلماته الرنانة:
“القرار دا قرار أمة كاملة… مش قرار فرد.”
“مصر مش للبيع… ومش للتأجير.”
“قناة السويس شركة مساهمة مصرية!”
“اللي خدوه زمان من دمنا… هيرجع لنا النهاردة.”
“اللي انعمل سنة 1882 هيتغير النهاردة.”
“اللي فتحنا له باب رزق هنا، قفل في وشنا باب السد العالي… فكان لازم نرد عليه!”
قرار غيَّر التاريخ.. وفتح الطريق
ولا شك أن قرار تأميم قناة السويس، الذي أعلنه عبد الناصر في لحظة شجاعة، غيّر مجرى التاريخ.
لم يكن قرارًا اقتصاديًا فقط، بل إعلان استقلال حقيقي.
فهو أنهى قرنًا من التبعية، وأطلق عهدًا جديدًا من السيادة.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت مصر صاحبة القرار في أهم ممر مائي بالعالم.