زى اليوم ده….”معركة الصالحية”بسالة المماليك أمام نار الفرنسيين

بوابة السهم الإخبارية – زى اليوم ده 11 أغسطس 1798، تحرك نابليون بونابرت من القاهرة متجهًا نحو الشرق. بعد أن سيطر على العاصمة عقب معركة إمبابة، قرر أن يواصل التوسع، ولذلك اتجه أولًا إلى بلبيس فسقطت أمامه سريعًا. ومن هناك واصل السير بلا توقف نحو الصالحية، حيث تمركز إبراهيم بك مع فرسان المماليك وعدد من المقاتلين العرب.
كانت الصالحية تحتل موقعًا إستراتيجيًا مهمًا على أطراف صحراء السويس. فهي تتحكم في الطريق المؤدي إلى الشام، كما تسيطر على طرق التجارة القديمة. ولذلك، أدرك إبراهيم بك أن فقدانها يعني انهيار جبهة الشرق، فجمع كل ما استطاع من فرسان مدججين بالسيوف والرماح والبنادق القديمة. وفي صفوف منتظمة، اصطف الفرسان بخيولهم المزينة، والدروع تلمع تحت الشمس، والعمائم تتمايل مع حركة الرياح.
وفي المقابل، تقدم الفرنسيون بخطوات ثابتة، فرتب نابليون قواته في تشكيلات مربعة محكمة. وضع المدفعية في مواقع متقدمة لحماية الأجنحة، وأمر المشاة بالتماسك أمام أي هجوم. وعندما انطلقت صيحة المماليك، ارتجت الرمال تحت وقع حوافر الخيل. انطلق الفرسان بسرعة خاطفة نحو الصفوف الأولى، فاخترقوا بعضها وأسقطوا ضباطًا فرنسيين بارزين، منهم الكولونيل سلكوسكي والكولونيل ديترس.
لكن نابليون لم يتردد، بل أمر المدفعية بالتقدم أكثر نحو خط المواجهة. على الفور، أطلقت المدافع قذائفها بكثافة، فأصابت صفوف المماليك بدقة. وفي الوقت نفسه، واصل المشاة إطلاق النار في نظام محكم، مما أوقف الاندفاع المملوكي تدريجيًا. حاول إبراهيم بك المناورة بالالتفاف على الجانبين، ولكن الأرض المفتوحة والمدى البعيد للمدافع جعلا الخطة صعبة التنفيذ.
ومع استمرار القصف، تزايدت خسائر المماليك. سقط الفرسان واحدًا تلو الآخر، والخيول تهاوت تحت الرصاص، والسيوف تكسرت في الاشتباكات القريبة. وأخيرًا، قرر إبراهيم بك الانسحاب شرقًا لإنقاذ ما تبقى من قواته. ترك الميدان مليئًا بالخيام الممزقة، وبقايا الأسلحة، وأجساد الفرسان الذين سقطوا في الدفاع عن أرضهم.
هكذا انتهت معركة الصالحية بإثبات شجاعة المماليك وإصرارهم، وفي الوقت نفسه تأكيد قوة الفرنسيين وتفوقهم العسكري. فقد أظهرت هذه المواجهة أن الشجاعة وحدها لا تكفي أمام قوة نارية منظمة، لكنها تبقى شاهدًا على بسالة المقاتلين الذين دافعوا عن وطنهم حتى اللحظة الأخيرة.